يقول أرسطو: “نحن ما نفعله باستمرار، ولذلك فإن التميز ليس فعلًا عابرًا… بل عادة دائمة.”
هذه الجملة البسيطة تختصر الفكرة الأساسية لهذا المقال: إن تغيير حياتك يبدأ من تغيير عاداتك.
ربما تتذكر مواقف تبدو غريبة للحظة:
تجد نفسك وصلت إلى المنزل دون أن تتذكر تفاصيل الطريق، أو انتهيت من غسل أسنانك دون وعي بالخطوات، أو اخترت نفس طبقك المعتاد في مطعم رغم نيتك تجربة شيء جديد.
لا تقلق… هذا لا يعني أنك مشتّت أو تعاني مشكلة!
هذه فقط العادات وهي تعمل بالنيابة عنك.
العادات هي نظام تشغيل خفي يدير حياتك اليومية دون أن تشعر. ومن هنا تأتي قوتها… وقدرتها أيضًا على تدمير حياتك أو إصلاحها.
ما هي العادة وكيف تتشكل؟
يعرف تشارلز دويج في كتابه “قوة العادات” العادات بأنها قرارات بدأناها بوعي ثم تحولت إلى سلوك تلقائي يعتمد عليه الدماغ لتوفير الطاقة.
وبحسب الأبحاث، فإن 40% من قراراتنا اليومية ليست قرارات فعلية… بل عادات مبرمجة مسبقًا.
إذاً…
- القيادة
- روتين الصباح
- استخدام الهاتف
- طريقة الأكل
- ردة فعلك عند التوتر
… كلها ليست أفعالًا عشوائية؛ إنها عادات رسخت في الدماغ مع الوقت.
العادات باختصار:
هي الجسر بين الشخص الذي أنت عليه الآن…
والشخص الذي تتمنى أن تكونه.
لماذا يعتمد الدماغ على العادات؟
الجواب صريح وواضح:
لتوفير الطاقة.
الدماغ يعمل مثل “مدير موارد”:
يوزع طاقته على المهام التي تحتاج تفكيرًا وتحليلًا، بينما يدير الأنشطة الروتينية عبر العادات، حتى لا يحترق.
وهنا تكمن الفكرة الذهبية:
إذا استطعت “برمجة” عادات جيدة… فقد برمجت نجاحك.
وبالمقابل…
إذا تركت العادات السيئة تتراكم، فسوف تسحبك بهدوء نحو أسوأ نسخة من نفسك.
دائرة العادة: كيف تتكون العادة داخل عقلك؟
تتشكل أي عادة عبر 3 مراحل رئيسية:
| المرحلة | الشرح | مثال عملي |
|---|---|---|
| الإشارة (Cue) | محفز خارجي أو داخلي يبدأ العادة | الاستيقاظ / الملل / الساعة 8 مساءً |
| الروتين (Routine) | الفعل نفسه | فتح الهاتف – شرب القهوة – رياضة |
| المكافأة (Reward) | الشعور الناتج | طاقة – راحة – هدوء – متعة |
مثال بسيط:
الإشارة: استيقظت من النوم
الروتين: فنجان القهوة
المكافأة: شعور بالطاقة أو التركيز
العقل يتذكر المكافأة، فيقرر تكرار السلوك لارتباطه بنتيجة ممتعة.
تكرار العملية = عادة مستقرة.
كيف تُغيّر عادة أو تخلق أخرى جديدة؟
لا تبدأ بالقفز للمستوى الأعلى مباشرة.
التغيير لا يحدث بقوة الإرادة وحدها، بل بالاستراتيجية.
1. اجعل البداية صغيرة
لا تقل “سأقرأ ساعة يوميًا”.
ابدأ بـ صفحة واحدة.
وبعد أسبوع، ستجد نفسك تكمل من تلقاء نفسك.
2. اربطها بعادة حالية
هذه تقنية من كتاب “العادات الذرية” لجيمس كلير:
بعد [العادات الحالية]… سأفعل [العادة الجديدة].
أمثلة:
- بعد تفريش أسناني… أقرأ 5 دقائق.
- بعد ارتداء الحذاء… أتفقد قائمة أغراضي.
- بعد كوب القهوة… أكتب قائمة أهداف اليوم.
3. غيّر البيئة
لا يمكن أن تنوي الأكل الصحي بينما خزانة منزلك مليئة بالحلويات.
غيّر البيئة = سلوك جديد أسهل.
4. كافئ نفسك بذكاء
لا تنتظر نهاية الطريق لتحصل على المكافأة.
اكسر العادة إلى محطات لها جوائز صغيرة.
قاعدة الـ1%: السر الحقيقي لتطورك
هذه الفكرة الثورية تقول:
تحسّن صغير يوميًا = نتائج ضخمة على المدى الطويل.
1% تحسن يوميًا لمدة عام =
نتيجة نهائية أعلى بـ 37.8 مرة.
أما 1% أسوأ كل يوم؟
فالنتيجة = الانحدار إلى الصفر تقريبًا.
هذا هو الفارق بين:
- عادة جيدة تتراكم لصالحك
- عادة سيئة تتراكم ضدك
العادات = فائدة مركبة…
مثل الاستثمار، ولكن على مستوى الشخصية والسلوك.
كيف تتخلص من العادات السلبية؟
الهدف ليس “إلغاء العادة”…
بل استبدالها.
أمثلة عملية:
| العادة السلبية | السبب / الإشارة | البديل |
|---|---|---|
| تصفح الهاتف قبل المذاكرة | التوتر / الهروب | 5 دقائق تنظيم مكتبك + كوب ماء |
| تناول السكر عند القلق | الحاجة لراحة عاطفية | مشي 10 دقائق أو تنفس عميق |
| السهر بلا سبب | فجوة وقت بعد العمل | نشاط محدد + إنذار نوم ثابت |
العادات السيئة لا تختفي بالرفض…
بل تذوب عند وجود بديل يلبي نفس الشعور.
أهم 10 عادات تغيّر حياتك جذريًا
- القراءة 10 دقائق يوميًا.
- تعلّم مهارة أو لغة جديدة باستمرار.
- الرياضة 3 مرات أسبوعيًا ولو 15 دقيقة.
- تحديد هدف يومي واضح قبل النوم.
- الاستيقاظ مبكرًا قدر المستطاع.
- كتابة 3 أشياء ممتن لها يوميًا.
- تقليل وقت السوشيال ميديا تدريجيًا.
- تدوين خطة الأسبوع كل يوم جمعة/سبت.
- عدم النوم قبل ترتيب مساحة العمل/الغرفة.
- الاهتمام بالجانب الروحي والنفسي يوميًا ولو بدقائق.









